+
----
-
طالما تسأل فيما يظل العشاق المقهورون من أرباب القلوب يتغنون باسم الليل كلما أقبل
وينتظرون ظلامه كلما أدبر ويرون في سواده شغفاً أحلى في عيونهم من شفق الصبح
فعندما أقبلت إليه لأبثه آلامي وجراحي قد كثر الكلام فكيف يخرج من أفواه الملتاعين
المحزونين,مؤنس يا ليل يامن قضيت في محرابك أسح دموع خطوبي وأخط بالأنين على
صفحتك الصماء قابعة بغربتي أناجي ليلاً ساجياً لا تسمعني فيه إلا أذان الظلام ولا تلحظني
إلاالنجوم المتلألئة في السماء والتي تناثرت دموعها لحالي,أنت يا من فاق بيانك كل تبيان
يامن أخفيت في سرائرك جفني الوسنان , كم آرقتني صروف الدهر لأكن في خباياك ما
يكنٌه التائهون فهل حارت دياجير ظلامك وأبت أن ترقد إلا في بردة اللاجئين إليك والمتظللين
بكتمانك أولئك اللذين يشيدون فيك محاريبهم ويبثونها نجوى قلوبهم الشاحبة ويسكبون فيها
ذوب أكبادهم المستعرة فلا تعرض عنهم كما أعرض الناس ولا تقبل عليهم بألسنتك الباردة
فالبرد كان ملاذ العاشقين منذ أزمان ولكن كيف تستعذبه جوارحهم الأن إن كان القلب هو
البردان وكيف يصبح الشتاء صديقاً لهم وهو يذكرهم بالدفء الغائب فهل يا ترى سيأتي من
يطعن ذكراهم بخنجر النسيان فهذي الدموع بعد كل فجر تضيع وتختفي كسويداء قلب وزفراته
الدامية عليهم أن يواجهوا حياتهم بشيء جديد فكم تكلفوا السعادة والإبتسامة وسط كون
صاخب وكم تصنعوا الطمأنينة وقد أحاطت بهم الكروب والأشجان
تراهم ينتظرون الأصيل كلما أقبل ويتدبرون ظلامه كلما ادلهم فهو بلسم الساقمون وبشرى الواجمون
تجدهم يستشفون من سواده شهداً يتلذذون به كما يتلذذ النشوان بشرابه وكم قد راقهم تورم الجفون
إثر بكاءٍ طويل لجرحٍ ينزف عند مرارة النازلة
فهذا الليل قد شغف اصحابه وجعلهم مقيدون بحباله أسيرون في صمته العجيب وأطيافه تبقى لا تبارح
صدورهم ومن يصغي في سكونه يعجب لألحانه ورقتها ويحس في نسيمه الهانئ العذب بيد الدنيا تمسح
على فؤاده وتضمه ضمة إمٍ ولهة مشفقة0